هل يجوز السفر إلى بلاد الكفار ؟ إذا كنت تفكر في ذلك فيجب أن تقرأ هذا

A+AA-
جدول التنقلاخفاء
هل يجوز السفر إلى بلاد الكفار ؟ إذا كنت تفكر في ذلك فيجب أن تقرأ هذاالسفر لبلاد الكفار في ضوء القرآن و السنةحكم السفر إلى بلاد الكفارحكم السفر للسياحة في بلاد لكفارخاتمةمصادر

هل يجوز السفر إلى بلاد الكفار ؟ إذا كنت تفكر في ذلك فيجب أن تقرأ هذا

مرحبا بكم في موقع سبيل العلم ، في هذا المقال، سنتحدث عن السفر إلى بلاد الكفار وحكم ذلك في الإسلام. تابعونا. 

    الكثير من المسلمين اليوم يسعون خلف السفر لبلاد الكفار، إما طلبا لمعيشة كريمة كما يقولون، أو للدراسة في جامعات و مدارس ذات مستويات عالية، أو لطلب الرزق أو العلاج ثم العودة، أو للاستقرار هناك أو غير ذلك من أسباب الهجرة.

    و تعد الدول الأوروبية و الأمريكية أول المقاصد في الهجرة، لأنها تعد لدول الأكثر تطورا، و التي فيها أكثر فرص العمل و الأماكن الجيدة العيش في راحة و رفاهية، و كذلك فيها أفضل الجامعات في العالم لمن يذهب للدراسة.

    فهل تساءلنا يوما: كيف هي هذه الهجرة في نظر الإسلام؟ و ما هو حكمها؟ و ما هي ضوابطها؟ و ما الذي على الإنسان المسلم أن يضعه في ذهنه قبل التفكير في السفر لبلاد الكفار؟

السفر لبلاد الكفار في ضوء القرآن و السنة

    الهجرة المأمور بها في الإسلام، و التي تعتبر من الواجبات هي الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام و ليس العكس،

 

    قال تعالى: <<إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)>> النساء-97-.

    فعلى أي مسلم استضعف في بلاد الكفر و لم يستطع أن يظهر دينه أن يهاجر منها إلى بلاد الإسلام متى استطاع، فإذا استطاع صار هذا واجبا عليه، فالهجرة التي أمر بها الإسلام هي هذه الهجرة.

        و للإقامة في بلاد الكفار عظم الخطر ، و قد أمرنا الله تعالى و رسوله ﷺ بمعاداة الكفار و بغضهم في الله،

 قال تعالى: << يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)>> المائدة -51-.

و قال أيضا: << لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ>> المجادلة-22-

فالإنسان المؤمن لا يحمل المودة للإنسان الكافر، لأنهم أناس حادوا الله و رسوله، و لا يعني ذلك عدم مجالستهم و محاورتهم و التعامل معهم، لأن الدعوة إلى الله واجبة، و التعامل مع الكفار مباح، فعلى الإنسان أن يدعوهم إلى الله ما استطاع، لكن لا يبادلهم الود و يأخذ حذره منهم و يضمر البغض و العداوة لهم.

قال الرسول ﷺ: < أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين > صححه الألباني.

و قال أيضا: <المسلم و المشرك لا تتراءى نارهما> صححه الألباني.

و هذان الحديثان يدلان على وجوب البعد عن المشركين و عدم مخالطتهم، و وجوب بعد إقامة المؤمن عن إقامة المشرك، و هذا معنى: لا تتراءى نارهما، فالعرب كانوا يسكنون في البوادي و يوقدون النيران، فرسول الله ﷺ قال كناية عن البعد، و هي عدم رؤية المؤمن و المشرك لنار بعضهما البعض.

حكم السفر إلى بلاد الكفار

السفر إلى بلاد الكفار لا يجوز عموما إلا بتحقق شروط، و هي ثلاثة:

  1. أن يكون عند المسلم علم يدفع به الشبهات.
  2. أن يكون عنده دين يمنعه من الشهوات.
  3. أن يكون محتاجا لذلك.

فإن لم تتم هذه الشروط، فالسفر إلى بلاد الكفار لا يجوز إطلاقا لما فيه من فتنة و إضاعة أموال...

و من الحاجات الظاهرة السفر للعلاج، و من المعروف أن الطب متطور في هذه الدول، فليس على الإنسان شيء إن احتاج لعلاج لا يوجد إلا في بلاد الكفر، أو يوجد في بلاد الإسلام بجودة أقل، أو السفر لحاجات الدول المسلمة في تنظيم العلاقات و ما إلى ذلك، و قسم العلماء هذه الحاجات إلى ست أقسام رئيسية، و هي:

1- الدعوة للإسلام: و يعد هذا القسم من الجهاد في سبيل الله، و هو فرض كفاية لمن يقدر عليه، بشرط أن تتحقق الدعوة و أن لا يوجد أي مانع من ذلك أو من الاستجابة لها.

 و في هذا قال ﷺ: < بلغوا عني و لو آية> رواه البخاري. 

و ينوه إلى أن هذا خاص بأهل العلم، لأن الدعوة إلى الله تحتاج إلى العلم بشريعته.

2- أن يكون لدراسة أحوال الكافرين و التعرف على ما هم عليه من فساد عقيدة و انحلال أخلاق، و يحذر منهم المسلمين، و مثال هذا حين أرسل رسول الله ﷺ حذيفة بن اليمان رضي الله عنه إلى المشركين في غزوة الخندق ليعرف خبرهم. و هذا أيضا من الجهاد.

3- أن يقيم لحاجة الدول المسلمة لتنظيم العلاقات بينها و بين هذه الدول الكافرة، كموظفي السفارات و راعي شؤون الطلبة المقيمين هناك، و هذا يدخل في الوظائف الحكومية.

4- الإقامة لحاجة مباحة: كالتجارة و العلاج، و يجوز ذلك بقدر الحاجة، فقد كان بعض الصحابة رضوان الله عليهم يسافرون لبلاد الكفار و يقيمون أياما للتجارة.

5- الإقامة للدراسة: و هي أيضا من الحاجات، لكنها أعظم خطرا و أشد فتكا على دين الطالب و أخلاقه، لما فيه من كثرة المخالطة للأساتذة و الزملاء، و طول المخالطة تؤدي إلى التأثر، خاصة إذا اتخذ منهم أصدقاء، لذا يشدد العلماء في هذا القسم دون غيره، فبالإضافة إلى الشروط الثلاثة السابق ذكرها، يضيف العلماء شرطا آخر و هو:

-   أن يكون العلم الذي يدرسه غير موجود في بلاد المسلمين أو موجود بجودة أقل، و أن يكون هذا العلم نافعا للمسلمين، و ليس من فضول العلوم التي لا حاجة لها.

6- الإقامة للسكن: و هذا هو الأخطر و الأطم، لأن فيه مفاسدا لا تنتهي، و هذا الذي حذر منه رسول الله ﷺ في الأحاديث التي ذكرناها، فالسكن في بلاد الكفار يترتب عليها الكثير من الأمور المخالفة لديننا الحنيف، أهمها المواطنة، و هي الالتزام بما تقتضيه الوطنية في تلك البلاد من الحقوق و الواجبات، و كذلك التعايش مع شعائر الكفر، و رؤيتها كل يوم تميت القلب، و الأدهى و الأمر أن أولادك سيتربون في هذا الوسط الكافر، و يخالطون الكفار في المدارس و الشوارع و سائر المرافق، و هذا ما لا يمكن منعه لأنه من ضرورات الحياة.

فالسكن في بلاد الكفار لا يجوز إلا لمن لم يستطع الهجرة لبلاد المسلمين.

حكم السفر للسياحة في بلاد لكفار

يتساءل البعض عن حكم السفر للسياحة في بلاد الكفار، و الإجابة أن السفر للسياحة لا يعد من الحاجات، و يوجد بديله في الدول الإسلامية، فالأفضل للإنسان المؤمن إن أراد أن يحافظ على دينه أن يجتنب هذا كونه لا حاجة له به.

خاتمة

الإنسان المؤمن يتحرى دينه في كل صغيرة و كبيرة، و علينا قبل التفكير في السفر إلى بلاد الكفر أن نفكر جيدا و نسأل عن ديننا و نعرف الأحكام، لأن هذا الأمر ليس بالهين، و يمكنه أن يؤدي إلى فساد الدين و الخلق.

 فكم من سافر إلى بلاد الكفار فعاد تاركا دينه كافرا ملحدا داعيا إلى الكفر البواح، و قبل أن نفكر في الذهاب إلى هذه البلاد علينا أن نسأل أنفسنا: لماذا سأهاجر إلى بلاد الكفر؟ ثم نجيب أنفسنا بصدق، و نضع هذه الإجابة في ميزان مع حب الله و رسوله، فإن كان سفرنا جهادا في سبيل الله و نصرة لدينه و عزة للمسلمين فمرحبا.

 أما إذا لم يكن إلا لمنافع شخصية و دنيا نصيبها فرسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: < إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ و إنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى ، فمَن كانت هجرتُه إلى اللهِ و رسولِه ، فهِجرتُه إلى اللهِ و رسولِه ، و مَن كانت هجرتُه إلى دنيا يُصيبُها ، أو امرأةٍ ينكِحُها ، فهجرتُه إلى ما هاجرَ إليهِ> صححه الألباني.

مصادر

القرآن

السنة النبوية الصحيحة -موقع حديث للتحقق من صحة الأحاديث-

كتاب شرح الأصول الثلاثة للعلامة ابن العثيمين رحمه الله.

<ما حكم الإقامة في بلاد الكفر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني> فيديو.: